في الذكرى الثالثة لحركة 20 فبراير - منقول عن الحوار المتمدن
تأتي الذكرى الثالثة في إطار الأزمة العميقة التي أصبح يعيش على ضوئها النظام والتي لم يجد من طريق لتجاوزها غير الارتماء الكلي في أحضان المؤسسات المالية للإمبريالية العالمية ومواصلة تنفيذ سياساتها، وذلك عن طريق شن هجوم منظم على كل مكتسبات وحقوق الشعب المغربي، ثم تعميق الإجرام والفساد بكل أصنافه وأشكاله، وهو ما خلق رفضا وتدمرا عامين لدى الشعب المغربي، بدأت ملامحهما تظهر في عودة الشعب المغربي للساحة السياسية والنضالية بقوة: نضالات الطبقة العاملة والفلاحين والطلبة والتلاميذ والأساتذة والمعطلين والأحياء الشعبية، وفي مجالات مختلفة، مثل السكن والصحة والتعليم والشغل والماء والكهرباء والتقاعد... وهذا الإفراز جد مهم بالنسبة لحركة 20 فبراير، وذلك بغية امتلاك رؤية تأطير وتنظيم هذه النضالات والارتباط بها، وليس بالاقتصار على مساندتها ودعمها بلغة البيانات والشعارات فقط. فهي مهمة ضرورية بالرغم من صعوباتها، ولكنها ليست بالمستحيلة.
نستحضر هذا الوضع حتى لا نسقط في النظرة الشكلانية في تشخيص وضعية الحركة وأزمتها، كأن نناقش أزمتها التنظيمية بالاقتصار فقط على النظر في واقع جموعاتها العامة والأشكال والآليات المرتبطة بها، بل أن الواقع الذي آلت إليه وكذلك سيطرة ما يسمى "بالمجلس الوطني للدعم" أو الهيئات القليلة المتبقية (من أصل 98 التي كانت تشكله) على الحركة. كما أن الانحسار الذي أصبحت تعيش على ضوئه الحركة من حيث وضعها التنازلي: 119 موقع خرج يوم 20 فبراير 2011 و84 موقع للحركة سنة 2012 و34 موقع سنة 2013، بالرغم من أهمية المواقع والمدن التي لازالت مستمرة لحد الآن ولازالت تقاوم بهذا الشكل أو ذاك. كما أن ربط الحركة بالمقرات خاصة وأن المقرات تستخدم كسلاح لتقليم أظافر الحركة بل وتستخدم من أجل تكييف الحركة وفق أهداف أصحاب المقرات، أمر قد انعكس سلبا على مجموعة من المواقع، حيث بمجرد أن رفع الدعم "المادي واللوجيستي والمقرات" عن الحركة لوحظ تراجعها، أي المواقع، عن الفعل والممارسة الميدانية. وفي المقابل ورغم ذلك استمرت مواقع أخرى عبر مراكمتها لصيغ وأشكال تنظيمية أخرى خارج المقرات (عقد الجموعات العامة في الشارع وفي أماكن خاصة) وفرز لجان الأحياء الشعبية (نموذج الدار البيضاء)، وهذا الأمر ينبغي الانتباه اليه من طرف مناضلي الحركة. ويمكن أن نقول إن سلاح المقرات وربط الحركة بها قد ساهم في هذا الانحسار والتقلص، وهو أمر ينبغي توضيحه وتأكيده. ويمكن أن نضيف ملاحظة أخرى لا تقل أهمية عن الملاحظة السابقة، وهي أنه في مقابل حرمان مناضلي الحركة من الاجتماعات داخل المقرات التي كانوا يعقدون مجالسهم العامة داخلها في مجموعة من المدن، استمر ما تبقى من "المجلس الوطني للدعم" في نشاطه في الرباط، وذلك بمحاولاته المتكررة في جعل ما تبقى من الحركة وكأنها تدور في فلكه. ومما ساهم في هذا الطرح أو التفكير في لعب هذا الدور هو أننا لم نستطع فتح آفاق الحركة بما ينسجم مع مضمونها أو وجودها كأشكال جنينية في مواقع معينة، وبالتالي إنتاج الآليات والأشكال التنظيمية التي لا يمكن استيعابها بهذا الشكل أو جعلها في أحسن الحالات مجرد آليات تفرغ فيها أفكار وأراء "مجالس الدعم". فالحركة في بداياتها الأولى لم تخرج إلى الشارع من المقرات، بل خرجت إلى الشارع بالاعتماد على التعبئة الميدانية ووسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنيت، وهذا الأمر الأخير ينبغي الانتباه اليه، خاصة انه يوفر إمكانيات كبيرة لتواصل المناضلين، ويعتبر بمثابة مقرات تجمع فيما بينهم، ولا يمكن استخدامه، على الأقل الآن، في إطار المساومة والابتزاز السياسي، ومن بين إيجابياته كونه مفتوحا أمام كافة مناضلي الشعب المغربي وكل الحركات المناضلة. وينبغي أن نرفع شعار أن الحركة هي التي ينبغي أن تذهب إلى الشعب للارتباط به وبمعاناته وليس الشعب هو الذي سيأتي للبحث عن الحركة في المقرات .
إن الاهتمام وفتح الطريق أمام الحركة في ارتباطها بأوسع الجماهير الشعبية يعتبران المفتاح الحقيقي لتطورها. إن العمل من داخل المقرات، ليس لاستيعاب هذه الجماهير، أي الركوب على نضالها ومقاومتها من أجل أهداف أصحاب المقرات ومصالحهم، بل ينبغي الذهاب عند الجماهير والارتباط بها: بهمومها ومصالحها الآنية والمستقبلية. ومن خلال هذا العمل، سنجسد تجاوز الأزمة الذاتية من أجل بناء حركة 20 فبراير، كحركة تحررية للشعب المغربي، وليس فقط كحركة حاملة لهذا المطلب أو ذاك من مطالب الشعب المغربي. ويبدو جليا أنه بدون النزول عند الشعب المغربي للنضال بجانبه ومعه والعمل على تأطيره وتنظيمه، سنبقى واهمين بأنه بإمكاننا فتح آفاق الحركة بالاعتماد على الآليات والإشكال الموجودة الآن، والتي هي في تراجع مستمر. إن مفتاح تطورها وحل مشاكلها يكمنان في حل أزمة الحركة في علاقتها مع الحركات المناضلة وإنتاج وإبداع آليات لتنظيم الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية المضطهدة، وبالتالي فنموها وتطورها هو في نمو وتطور هذا الارتباط وهذه العلاقة، علما أن البعد الطبقي هو أساس بنائها كحركة شعبية وتحررية، وهي ضرورة تفرضها طبيعة المعركة والمصير المشترك..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.