- الطقوس و المعتقدات بالأطلس المتوسط- بادية سكورة ايت سغروشن نموذجا -
1- أولياء و أضرحة في خدمة الرغبات..تتواجد ببادية سكورة العديد من الأضرحة التي يقوم سكان المنطقة بزيارتها لنيل "بركة" الولي المعلوم أو التوسل لقضاء الحاجات و الرغبات و تعتبر العوانس و العجائز الشريحة الاجتماعية الأكثر إقبالا على زيارة الأضرحة و تتعدد الرغبات بين طالب للشفاء من عطب في الجسد مرورا بالرغبة في الظفر بعريس ينقذ ماء الوجه من نظرات أهل القرية التي لا ترحم و انتهاء بالرغبة في إلحاق الأذى أو الانتقام من عدو حقيقي أو مفترض . تجب الإشارة هنا إلى وجود أضرحة متخصصة في "تحقيق" رغبات بعينها فضريح سيدي يحيى مثلا يعد قبلة للراغبين في إجادة نظم الشعر و نظمه و كذلك للراغبات في تعلم مبادئ و أسرار الطرز و الزركشة . إن زيارة الأضرحة تقتضي من الزائر تقديم واجب الزيارة و عادة ما يكون الشمع أو القطع النقدية مضمون هذا الواجب و في حال تحقق الطلب فان المعني ملزم بحسب الطقوس بتقديم النذر للولي المعلوم و يكون عبارة عن جدي أو ديك , كما أن الولوج إلى فضاء الضريح يستلزم جملة من التدابير البروتوكولية كتقديم القدم اليمنى و تقبيل الأعتاب و لثم أركان الضريح مع تلاوة البسملة. من الأرجح أن زيارة الأضرحة هي بقايا طقوس مرتبطة بالديانات القديمة التي لها صلة بعبادة الأجداد.
2-منابع مائية للري و الشرب...و أشياء أخرى..تعرف قرية سكورة بكثرة منابعها التي يتم استغلالها في الري و الشرب و تشغيل الطواحين المائية , غير أن ثمة منابع تحظى بهالة من التقديس و الاحترام , ولن تطول دهشتنا إذا عرفنا ان كل نبع من هذه المنابع يحمل اسم الولي المجاور . إن غريزة البقاء تقلب عبر الحاجة الملحة إلى الحماية كل القوانين لتنقل "الخبزة" أو "البركة" في إسقاط مبهم من الولي إلى احد عناصر الطبيعة الذي هو النبع في هذه الحالة. فإذا كنت تعاني من مرض جلدي فما عليك سوى إن تشد الرحال إلى عين "سيدي سعيد" و الاستحمام بمائه لترى كيف "تختفي " البثور في رمشه عين , أما إذا كنت مريضا بالمعدة أو المرارة و عجز الأطباء عن علاجك فان اهل قرية سكورة سيحيلونك على مياه"عين الضباب" بحيث تكفيك سبعة أيام من المواظبة على شرب ماء هذا النبع لتجعل معدتك تهضم الحجر . أما إذا كانت لديك مشاكل مع السحر فما عليك إلا إن تقصد عين"سيدي صالح" و تشرب ما تيسر من مائه كي تلفظ في الحين "عناصر الأذى" المستقرة في أحشائك . تبقى الإشارة إلى أن أهل بادية سكورة لديهم طقس سار يسمونه "اعرقب" , إذ يفرض الواجب كلما شح ماء النبع تقديم قربان و غالبا ما يكون جديا يتقربون بدمائه إلى "الأرواح" التي تسكن النبع طمعا في كرمها و اتقاء لغضبها و لعنتها . 3- خاتمة الخاتمات ..قد يحدث و تفرز إحدى مظاهر العلاج المذكورة حصيلة محمودة , في هذه الحالة يجب التمعن في الأمر مليا , فالكثير من المرضى النفسانيين و الذين يعانون من اضطرابات عصبية قد تعرف أحوالهم بعض التحسن النسبي نتيجة زيارة هذا الضريح أو ذاك , و هذا الإحساس له علاقة بما يسمى "النية" أي الاعتقاد الصادق و غير المشروط بنجاعة الطقس المعلوم و يعرف هذا في الطب النفسي بالإيحاء . إن كل المؤشرات تدل على ان مجال المعتقد يضرب بجذوره في بنية المجتمع و ان ثمة قوى اجتماعية تعمل على تغذيته و رعايته لأنه يشكل احتياطا استراتيجيا يخدم أهدافها السياسية , و هي أهداف ليست بريئة على كل حال .
تكوشت لحسن